يعد الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence)أحد أبرز العلوم الحديثة في السنوات الأخيرة ولا سيما بعد العام 2016م وذلك لتعدد مجالات استخدامه على مستوى عالمي في جميع تفاصيل الحياة بعد ان كان ومنذ الحرب العالمية الثانية مجرد نظريات واحلام يتوق لتنفيذها وتطبيقها علماء الحاسوب وكبريات الشركات المتخصصة في الحاسوب، اذ عمل العديد من الباحثين والعلماء على نشر الاف الأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي واصيبوا بخيبة امل لعدم القدرة على تنفيذه ذلك الحين لعدة أسباب لعل أبرزها محدودية الباحثين والعلماء في المجال، اضافه الى تباطىء التطور في علوم الحاسوب على المستوى البرمجي والمكونات المادية وكذلك البنى التحتية. وإذا ما تطرقنا الى تاريخ الذكاء الاصطناعي فنجد انه لم يكن دائما رحلة هادئة. فقد عقبت فترات التفاؤل والنجاح والنمو فترات من خيبة الأمل والانكماش وإعادة التجميع، إذ تراجع “ربيع” الذكاء الاصطناعي ليحلّ محله “شتاء” الذكاء الاصطناعي، وصارع هذا التخصص الناشئ باحثا عن موطئ قدميه. وطوي ملف تطوير الذكاء الاصطناعي منذ صيف 1956م حين استُخدم هذا المصطلح للمرة الأولى خلال مؤتمر جامعة دارتمورث بشأن الذكاء الاصطناعي الى ان عاد هذا المصطلح مرة أخرى يراود الحكومات والشركات والباحثين في مطلع القرن الواحد والعشرين وكثفت الجهود والأبحاث مرة أخرى وتلقت مراكز الأبحاث الدعم الكبير لأبحاث الذكاء الاصطناعي ليظهر وبقوه في العام 2011م وذلك عقب توديع العالم للثورة الصناعية الثالثة (تكنولوجيا المعلومات والانترنت) والتي ظهرت وتطورت في العقود الأخيرة من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين حيث شهد العالم خلال هذه الثورة تطورا متسارعا في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والعسكرية والمالية وغيرها نتيجة استخدام تكنولوجيا المعلومات والانترنت في تنظيم شؤون الحياة المختلفة والتسريع من وتيرة التنمية ، حيث شهد العالم حينه قفزات غيرت ملامح العالم وأصبحت التجارة والاتصالات والمعاملات المالية والاقتصادية وغيرها تدار بطريقة الكترونية محوسبة، وتزايد استخدام المؤسسات الحكومية والخاصة لهذه التكنولوجيا وارتبط العالم ببعضه اقتصاديا ، ماليا ، تجاريا ، تعليميا ، اجتماعيا ، ثقافيا وتزايد الاستخدام للأنترنت والأجهزة المتصلة به على مستوى العالم وكذلك حجم البيانات المفرط التي يتم تداولها وتشاركها والاستفادة منها الى الدرجة التي أصبحت تكنولوجيا الثورة الصناعية الثالثة (تكنولوجيا المعلومات والانترنت) لاتفي بالغرض الذي أنشئت من اجله، وهنا برزت الثورة الصناعية الرابعة في مطلع العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين والذي يمثل الذكاء الاصطناعي أهم مخرجاتها لتعدد استخداماته في المجالات العسكرية والصناعية والاقتصادية والتقنية والتطبيقات الطبية والتعليمية والخدمية، ويتوقع له أن يفتح الباب لابتكارات لا حدود لها وأن يؤدي إلى مزيد من الثورات الصناعية بما يحدث تغييرا جذريا في حياة الانسان، إذ مع التطور التكنولوجي الهائل والمتسارع وما يشهده العالم من تحولات في ظل الثورة الصناعية الرابعة سيكون الذكاء الصناعي محرك التقدم والنمو والازدهار خلال السنوات القليلة القادمة، وبإمكانه وما يستتبعه من ابتكارات أن يؤسس لعالم جديد قد يبدو الان من ضروب الخيال، ولكن البوادر الحالية تؤكد على أن خلق هذا العالم بات قريبا وقريبا جدا.
اقرأ أيضا:الدكتور مجاهد الجبر يحاضر عن توظيف الذكاء الإصطناعي في التعليم
الذكاء الإصطناعي.. يؤسس لعالم
ولان العالم اعتاد على عدم انتظار المستقبل، بل الدخول إليه والتنافسعلى تقنياته واستباق تحدياته ووضع الحلول الناجعة لها، وهذا ما يفسر التوجه الحثيث للعديد من الدول نحو الاستثمار في تفعيل تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهدافها التنموية والاستثمارية باعتباره لغة المستقبل التي لا محيد عن إدراك أبجدياتها والقضاء على أميته، واعتماد العديد من القطاعات الاقتصادية مثل الصحة والتعليم والخدمات والقطاعات الحيوية الاخرى عليه، فضلا عن الفرص الاقتصادية الكبيرة التي يوفرها للكثير من القطاعات الاقتصادية بالعالم، وقدرته على تحقيق أرباح طائلة مع تطبيق استخداماته والاعتماد على ما يقدمه من معلومات واستشارات دقيقة، وتأثيراته الايجابية في تقليل الاعتماد على العنصر البشري ، مما يرفع جودة المنتجات ويقلل من الانفاق . ولتعزيز تطوير وتسريع تفعيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي على كافة المستويات المؤسساتية، انتهجت الكثير من الدول العديد من الاليات ومنها تنمية وتطوير الكفاءات العلمية المتخصصة والقدرات المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي، ونشر وخلق ثقافة الذكاء الاصطناعي لدى المجتمعات لتسهيل انتشار استخدام التطبيقات التي تعتمد على هذه التقنيات وخلق العالم الرقمي القادر على التعامل معها، وتعزيز تضافر جهود المؤسسات التعليمية والعالمية للتوعية بأساسيات هذا المجال، حيث اطلقت العديد من الحكومات الاستراتيجيات وانشات الهيئات التي تسعى من خلالها الى الإسراع والاندماج في هذه التكنولوجيا الحديثة، فضلا عن الأرقام التي يتداولها ويطرحها علماء الاقتصاد فيما سيخلقه الاستثمار في الذكاء الاصطناعي من ارقام فلكية تتجاوز بعشرات المرات الاستثمارات العالمية السابقة وابرزها النفط والغاز حيث سيضيف الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة الى الاقتصاد العالمي بحلول العام 2030 م ما قيمته 20 ترليون دولار وهذا الرقم يساوي عشرة اضعاف الاستثمار في النفط. وقد قامت الثورة الصناعية الرابعة على أسسوقواعد الثورة الصناعية الثالثة المتمثلة في تطور تكنولوجيا الكمبيوتر والانترنت، وتعتمد على ربط ودمج العلوم الفيزيائية أو المادية بالأنظمة الرقمية والبيولوجية في عمليات التصنيع، أي الات ذكية متصلة بالأنترنت, أو بمعنى آخر هي أنظمة والات يتم التحكم فيها إلكترونيالتصل إلى ذروة تطبيقاتها في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والطباعة ثلاثية الابعاد والثورة بمجال التواصل الاجتماعي والعالم الرقميوالانترنت المتحرك، والتقنيات الرقمية والانظمة الذكية، والمركبات ذاتية الحركة وتكنولوجيا النانو والتكنولوجيا الحيوية، وعلوم المواد وتخزين الطاقة، والحوسبة الكمية، وحرس الحدود الالي، والكمبيوترات شديدة البراعة التي بإمكانها كتابة القصص ومنافسة خيال رواد الروايات والمدن الذكية والزراعة الذكية والحياة الذكية.
بل سيصل الامر الى تقسيم العالم مرة أخرى ليس كالتقسيم الذي حصل بعد الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة بين الولايات المتحدة الامريكية و روسيا بل تقسيم جديد يعتمد تماما على الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة ليصبح العالم الأول منتج ومصنع لهذه التكنولوجيا ويستثمرها وعالم اخر يستهلك هذه التكنولوجيا ما يزيد الفجوة بين العالمين بشكل كبير ومخيف لم يشهد لها العالم مثيل. وبالتالي يصبح الاستثمار في الذكاء الاصطناعي هو الملاذ الامن للعديد من الدول.
الذكاء الإصطناعي.. يؤسس لعالم
وبعد هذا الملخص الموجز عن الذكاء الاصطناعي وأهميته وتعدد مجالات استخدامه والحاجة لتطبيقه في شتى مجالات الحياة في عصر التكنولوجيا المتسارع يحتم علينا ذلك وبما لا يدع مجال للشك بان نتناول هذا العلم في مؤسساتنا التعليمية وذلك بإصدار الكتب والمؤلفات وإنتاج الأبحاث والابتكارات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، حيث تناول الكتاب اهم الموضوعات للقارىء المتخصص في المجال او غير المتخصص وقسم الى خمسه فصول رئيسية : تطرقنا في الفصل الأول الى مقدمة عن الذكاء الاصطناعي ، تاريخ الذكاء الاصطناعي، الذكاء والسلوكيات الذكية، الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعه، وكذلك سلبياتها .
https://aws.amazon.com/ar/what-is/artificial-intelligence
الذكاء الإصطناعي.. يؤسس لعالم
*من مقدمة كتاب “الذكاء الإصطناعي” للدكتور مجاهد الجبر رئيس الجامعة التخصصية الحديثة